Thursday, September 19, 2013

لورنس العرب يفوز على اليستر براونلي

نعم، هذا صحيح. اليستر براونلي الفائز بالمدالية الذهبية انهى سباق نهائيات بطولة العالم للترياثلون في لندن بمركز واحد خلف بطل الترياثلون الاردني لورنس فانوس (لورنس العرب). كان هذا السباق من اكثر الأحداث المثيرة التي شهدتها اطلاقاً. 
ولكن دعوني ابدأ من البداية. طرت الى لندن مبكراً جداً في صباح يوم الاحد الموافق ١٥ من سبتمبر وهبطت طائرتي في مطار لندن هيثرو في الساعة ٧:٢٥ ص بالتوقيت المحلي. اخذت قطار خط بيكاديلي على الفور الى محطة هايد بارك كورنر لاصل قبل التاسعة. وكان وقت بداية سباق الرجال المحترفين في الواحدة وعشرة دقائق ولكنني كنت اريد ان اكون هناك مبكراً لمشاهدة بعض الرياضيين المصريين الذين كنت اعلم انهم كانوا قد اتوا من مصر للمشاركة. وكان اغلبهم قد انهوا سباقاتهم في الايام التي مضت ولم يبقى الا المشاركين في السباق الاولمبي لفئات الاعمار. وكنت اتطلع خصوصاً لمقابلة حسن عفيفي رياضي الترياثلون المصري وصاحب مدونة الكترونية بإسمه والذي يعيش في لندن. كنت قد تواصلت معه عبر الفيسبوك وتويتر وعن طريق مدوناتنا ولكنني لم اقابله من قبل. كنت اعلم ان سباقه سيبدأ في الساعة ١٠:١٠ص ولكنني لم اجده عند خط البداية بل فقط عندما كان على وشك الدخول الى منطقة التغيير الى الدراجة بعد السباحة حيث فتح بدلة السباحة فرأيت اسمه مكتوباً على لباس الترياثلون تحتها. وفي تلك المنطقة قابلت بعض الرياضيين المصريين فتحدثت معهم وأخذت بعض الصور. ثانية مرة شاهدت فيها حسن كانت عندما قرب على انهاء مرحلة الدراجة. مرحلة الجري كانت مكونة من ثلاثة دورات استطعت رؤية حسن فيها مرتين في كل دورة وكنت احييه واشجعه كلما رأيته. كما رأيت اثنين آخرين من المتسابقين المصريين وهتفت لهما ايضاً. أعلم من سباقاتي ان التشجيع الذي ألقاه من الخارج يساعدني على المضي.
قبل ان ينهي حسن سباقه اضطررت الى الذهاب الى خط البداية للبحث عن لورنس فوجدته يجري للتحمية وناديته بأعلى صوتي عندما مر عن قرب فأتى الي وحياني. لكنني لم اريد ان يقطع استعداداته فطلبت منه ان يذهب لإكمال ما يجب عليه ان يفعله. ثم ذهبت الى مدخل المدرج عند خط البداية. كنت قد ذهبت الى هناك من قبل لأحاول شراء تذكرة دخول ولكن التذاكر كانت قد بيعت كلها، الامر الذي لم يفاجئني. فلما عدت الى هناك بغيت ان اجرب حظي لا غير فانتظرت وقتا طويلاً اراقب الناس يدخلون وبدأت أشك في ان اكون قادراً على الحصول على تذكرة ووشكت على الذهاب للعثور على مكان جيد قرب مسار الدراجة او الجري. وما كدت افكر بالذهاب وإلا ان جاء رجل مع طفلين فنظر لي بضع ثواني بدا انه يفكر ثم سألني إن كنت أريد تذكرة. صعدت الى المدرج من اسعد الناس على الارض في تلك اللحظة وجلست لاشاهد سباقاً مثيراً للغاية. 
يبدوا ان السباحة كانت صعبة جداً ففي لحظة ما كان السباحون قد تفرقوا وامتدوا كسلسلة طويلة يحاول كل منهم اتّباع  الذي امامه. كنت اعرف ان لورنس سباح قوي. لذلك شعرت بالقلق لرؤيته يخرج من الماء متأخراً جداً. رأيت في وقت لاحق ان مركزه كان الخمسين من سبعين افضل رياضيي الترياثلون في العالم. ثم ازداد السباق دراماتيكية في مرحلة الدراجة. تشكلت ثلاثة مجموعات منذ بداية المرحلة. اول مجموعة ضمت الاخوان براونلي (اليستر و جوني) و خافيير جومز. لورنس كان في المجموعة الثالثة المتخلفة قرابة ٤٥ ثانية عن المجموعة الاولى. بعد عدة دورات اندمجت هذه المجموعة مع المجموعة الثانية واقتربت من المجموعة الرائدة. في النهاية كان لورنس قد اكمل هذه المرحلة في خامس اسرع وقت. لم اكن اتوقع هذا الامر حيث كنت قد حللت نتائج لورنس في الماضي ووجدت ان الدراجة عادة من اضعف مراحله نسبياً حيث انه سباح وعداء اقوى. 
في المقدمة كان أليستر قد بدأ عدة هجمات لم يتبعه خافيير فيها بل استمر في سباقه الذكي ولم يسمح لنفسه بالانشداد الى تحركات غير فعالة. وانتقل اليستر الى الجري في مركز الاول وكان من الواضح ان هناك شيء غير طبيعي في قدمه حيث كان بطيئاً وملامحه مليئة بالالم. وبدأ بخسارة مركز بعد الآخر. في وقت ما بدا كإنما كان الألم قد زال حيث تدارك أليستر نفسه وتمكن من العودة الى المركز الخامس إلا وأن يعود الى التباطأ مرة اخرى. ومن هنا لم يكن له إلا هدف واحد وهو الوصول الى خط النهاية بأي طريقة ما.
لم يبقى إلا جوني براونلي و خافيير جوميز في المقدمة فأخذا يختبران بعضهما البعض فيتجاوز احدهم الاخر لوقت ليعود الاخر ويتجاوزه. واصبحا يجريان بسرعة كبيرة إلى ان دخلا منطقة النهاية فلم يبق احد على المدرج جالسا. وتجاوز خافيير جوني ليفوز عليه في البضعة امتار الاخيرة.
السؤال الاخير الذي بقى في ذهني كان إن كان لورنس سيصل الى خط النهاية قبل اليستر. الشاشة الكبيرة امام المدرج اظهرت لورنس وهو يقترب من خط النهاية ثم يصل اليه في المركز الواحد والخمسين، ثم تبعه اليستر في المركز الثاني والخمسين. نعم، فاز لورنس. وبكل جدية فاحترامي لاليستر لانهاء السباق وتحمل الألم الى النهاية. ابدع لورنس العرب ضمن افضل سبعين رياضي في العالم. تهانينا اليه. اتمنى لو تمكن لورنس من الحصول على دعم مادي يسمح له التركيز على التدريب والتنافس دون اي تنازلات. سيكون هذا امر مهم له خلال السنتين ونصف المقبلة حينما يحاول لورنس التأهل الى الالعاب الاولمبية في ريو عام ٢٠١٦. 
عندما كنت تاركاً المدرج بعد السباق وبعد احتفال التتويج الذي تلاه رأيت حسن فتحدثنا لوقت ما ثم قررنا الذهاب لتناول طعام ما. وعند الذهاب وجدنا لورنس عند معرض HUUB احدى الشركات الراعية له قليلاً فتحدثنا معه قليلاً واتفقنا على الذهاب الى مطعم لتناول العشاء معاً، ومع بهجت والد لورنس واخته جينا وصديقها. وانتهى يوم مثير بعشاء عربي لذيذ في مطعم لبناني في شارع ايدجوير. شكراً لبهجت على عزيمته لنا. 

No comments:

Post a Comment