Saturday, September 5, 2015

كريس فروم - التسلّق

كتب كريس فروم سيرته بعد فوزه الأول في بطولة طواف فرنسا عام ٢٠١٣ وقبل أن يعود ليكرر الفوز بعد ذلك بسنتين في طواف ٢٠١٥، أي قبل أسابيع قليلة. وكان هذا الكتاب رفيقي في آخر طلعات الجري الطويلة التي عملتها مؤخراً كجزءٍ من تحضيراتي لأول سباق جري ألترا لي في آخر هذا شهر أغسطس. وللعلم اني استمع الى كتاب كل شهر بدلا من القراءة حيث يمكنني فعل ذلك خلال تمرينات الجري الطويلة. 
لم أكن متابعاً لأخبار فروم قبل قراءة الكتاب، ولذلك فإن أول ما فاجأني هو أنه من كينيا وليس إنجليزي. بالطبع فإن أصل عائلته من إنجلترا ولكنه ولد في كينيا وعاش طفولته فيها وبدأ حياته الرياضية بها كما مثّلها في مناسبات رياضية عديدة قبل أن يغيّر جنسيته ليصبح إنجليزي.
وسبب تغييره لجنسيته هو أنه لم يلقى أي دعم من اتحاد الدراجات الكيني بل على العكس. فهو يصف على سبيل المثال قصة سباق لعدة أيام في مصر شارك فيه منتخب كينيا وكيف  أن المسئول عن الفريق الكيني أختفى في مرحلة من المراحل وترك الفريق بلا سيارة مرافقة تحمل المشروبات والمأكولات. ويقول أن الجو كان حاراً في ذلك اليوم فاضطر أن يسأل مسؤولي الفريق الجنوب افريقي الذين تكرموا ببعض زجاجات الماء.  كما يذكر كيف فقدوا أحد اعضاء الفريق الذي غاب عن وعيه خلال أحد المراحل بسبب الجفاف الذي أصابه لقلة الماء فبقي مرتمياً على جانب الطريق ولم ينتبه لعدم وجوده أحد. ولكن الحظ انقذه من الموت الأكيد حيث نسي أعضاء فريقٍ آخرٍ شيئاً في نقطة بداية تلك المرحلة فاضطروا إلى إرسال أحد مساعديهم بالسيارة فصدف أن اكتشف هذا المساعد الدراجة في نصف الطريق ثم الخوذة ثم الدراج نفسه وتم انقاذه. 
هذه حوادث لن تجدها في فريقٍ متقدمٍ جدّي الهدف بل يأسفني أن أقول أنني لن استغرب ان تكون حياة الكثير من فرقنا العربية مليئة بقصص مُشابهة.
انتمى فروم إلى فريقين محترفين ولم يكد يكسب إلا قليلاً في البداية قبل أن ينضم إلى فريق سكاي في النهاية براتبٍ سنوي يعادل ١٠٠ ألف يورو لم يشعر أنه يستحقهم حيث لم يتألق في أي من سباقاته الأولى. وكان لعدم تألقه أسباب عديدة قد يكون أولها تأخُّرُ اكتشافه بأنه مصابٌ بمرض البلهارسيا الذي كان يمتص قدراً كبيراً من طاقته. لكن السبب الآخر والأهم هو افتقاده لخبرة كافية تمكنه من وضع خطة استراتيجية لكل مرحلة مع الإحتفاظ بمرونة تغيير الخطة حسب التطورات. وبالفعل، فإن من اكثر ما أعجبت به هو قراءة (أو الإستماع إلى) تفاصيل الكثير من مراحل طواف فرنسا و طوافات أخرى والتي يصفها فروم بدقة وبكلمات مثيرة تجعلك تندمج في السباق وكأنك وسط المتسابقين. هذه التفاصيل تستحق بذاتها إعادة القراءة لتعميق دراستها حيث شعرت أني بدأت أتعلم تحليل ما يحصل في هذه السباقات المليئة بالإستراتيجية والتكتيك. 
 أحد السباقات التي يصفها كريس فروم هو طواف عُمان في عام ٢٠١٣ والذي كان أول سباق في موسم ذلك العام. كونتادور من فريق ساكسو بانك كان من أقوى المنافسين وكذلك نيبالي. ويصف فروم بطريقة شيّقة كيفية حصوله على القميص الأصفر في المرحلة التي انتهت على قمة الجبل الأخضر و تَفاجُأَه ببعض المشاهدين الذين حيّوه بلغة السواحيلي التي يتكلمها فظن أنهم سوّاح إلا ليكتشف أن هناك جالية لا بأس بها من الكينيين يعيشون في عُمان.
ويتطرق فروم إلى تكوينة الفريق والأدوار التي يلعبها أعضاؤه ونفسيّاتهم وكيف أن كل أعضاء الفريق يخدمون القائد لمساعدته على الفوز. كريس فروم شعر بأنه كان بإستطاعته الفوز بطواف فرنسا عام ٢٠١٢ ولكنه اضطر الى الإنصياع إلى أوامر الفريق و تكريس مجهوداته لخدمة قائد الفريق برادلي ويغنس وتمكينه من الفوز بالطواف في ذلك العام. فكان بعد ذلك شبه إتفاق مع مدير فريق سكاي ومع برادلي ويغنس بأن الفريق كله سيسخر لدعم فروم في العام التالي، أي عام ٢٠١٣. وعندما اقترب موعد السباق أعلن ويغنس للصحافة بشكل مفاجئ أنه سيشارك في طواف فرنسا بهدف الفوز بنفسه، كونه قائد الفريق. ولكن لم يصل الأمر الى حصول هذه المنافسة داخل الفريق خلال السباق حيث اضطر ويغنس للإنسحاب بسبب الإصابة. 
وهناك مواضيع عديدة أخرى شيقة مثل بعض التعليقات على أهمية الباورميتر أو معدل دقات قلب كريس فروم وهو عند الراحة أقل ما سمعته إلى اليوم حيث ينخفض إلى ٢٩ دقة في الدقيقة. الكتاب شيّق وأنصح به لكل من يحب رياضة الدراجة العالمية.

No comments:

Post a Comment