Friday, June 23, 2017

سيري لندلي - Siri Lindley

بعد ان فشلت سيري ليندلي (Siri Lindley) من التأهّل إلى أولمبياد سيدني عام ٢٠٠٠، قررت أن تغير مدرِّبها. فعرضت عليها صديقتها لوريتا هاروب أن تتعامل مع مدربها بريت ساتن (Brett Sutton). في ذلك الوقت كان بريت ساتن يدرب مجموعة من الرياضيين في معسكر جبلي في ليزان، سويسرا. وكانت سيري قد سمعت عن قسوة تمارينه وأنه كان قد غادر موطنه أستراليا بسبب فضيحة علاقة له مع سبّاحة قاصرة كان يُدربها. كما كانت تعلم أنه كان له نجاح باهر مع العديد من الرياضيين العالميين الذين كان يدربهم. فقررت أن تجربه كمدرب
في شهر يوليو عام ٢٠٠٠ طارت سيري إلى جنيف ولم يصل من أمتعتها ذاك اليوم إلّا دراجتها. بعد ساعتين من السفر وصلت إلى ليزان حيث باشر ساتن بالطلب منها أن تركب دراجتها على جهاز التمرين لمدة ٣ ساعات. قالت له أن ثياب التمرين لم تصل بعد فأجابها أن بإمكانها الركوب بما كانت ترتديه في ذلك الحين وهو بنطلون جينز وكنزة. لم تعترض سيري بالرغم عن تفاجئها وأعتلت دراجتها وابتدأت بالتدوير دون ان تُبادل صديقنها لوريتا أية كلمات، حيث كانت لوريتا موطئة رأسها مركزة بنفسها على تمرينها على دراجتها.
في الصباح التالي التقت سيري مع لوريتا هاروب ومجموعة من الرياضيين الآخرين في المعسكر ليركبوا دراجاتهم مسافة ٢٠ كم هبوطاً إلى أسفل الجبل حيث كان ساتن بانتظارهم عند المسبح. أعطى ساتن سيري ورقة يشرح فيها برنامج تمرين السباحة لذلك اليوم فوجدت أن مجموع المسافات يصل إلى ٦ كم، ولم تكن قد تمرنت من قبل على أية مسافة سباحة زادت عن ٤ كم. بعد ساعة ونصف من التمرين خرجت من المسبح متعبة وأنشفت نفسها ولكنها لم تجد ساتن الذي كان قد غادر على ما يبدوا. قيل لها أنه قد رجع إلى المعسكر في أعلى الجبل. "ألم يكن سيأخذنا معه؟" وفهمت أنهم سيرجعون بدراجاتهم صعوداً.
لم تكن سيري قد تناولت أي طعام ذلك الصباح. كل ما تناولته منذ مساء اليوم الماضي لم يتجاوز جرعة من القهوة. اقترحت هاروب عليها أن تصعد مع جين فاردل التي ربما كانت أضعف واحدة على الدراجة. لم تتمكن سيري حتى من البقاء مع جين فوصلت إلى المعسكر لوحدها متأخرة عن الكل بما يقارب ٢٠ دقيقة. دخلت إلى شقتها وألقت نفسها على السرير لتغفل على الفور. بعد ما بدت وكأنها دقائق فقط أيقظتها دقّات على بابها. ما كان ذلك إلّا ساتن الذي قال ان وقت الجري قد حان وطلب منها أن تجلب أغراضها وتأتي. عندما لاحظت أنها نسيت شيئاً في الشقة، تركت قنّينة الماء على سيارة ساتن لتذهب وتأتي بذلك الغرض، فعندما رجعت وجدت أن القنينة كانت شبه مفرغة. قبل أن تتمكن من الإعتراض قال لها ساتن أنها لا تحتاج إلى أكثر. هبط الجميع بالسيارة إلى قاع الجبل مرة أخرى وأخرجهم ساتن ليأمرهم بالرجوع جرياً. راودتها حالة من الذهول. هل كان فعلاً قد قال ما فهمته؟ هل طلب فعلاً منها أن تجري ٢٠ كم صعوداً بعد أصعب تمرين سباحة في حياتها؟ الغضب دفعها رجوعاً إلى المعسكر. في المساء اتصلت سيري بأمها هاتفياً وانهارت بكاءً بعد كلمات قليلة. " إني خائفة يا ماما".
في اليوم التالي طلب ساتن من سيري أن تشرح أهدافها. قالت له أنها تنوي أن تفوز بسباق عالمي وبطولة أمريكا، كما انها تريد ان تحصل على ميدالية في كأس العالم. قال لها ساتن: "أتعلمين يا سيري؟ إنسي كل هذا. من اليوم وأنت متقاعدة. طريقة نظرك لهذه الرياضة والضغط الذي تضعي نفسك تحته خطأ. بدايتك برياضة الترياثلون كانت بسبب حبك لها. دعينا نرجع إلى ذلك. دعينا نرى ما الطريقة لرفع لياقة سيري لندلي وجعلها أسرع وأقوى مع الإنبساط في نفس الحين."
ثقل خفي سقط عن اكتاف سيري وأحست بشعور من الخفة لم تحس به منذ وقت طويل. والغرابة أن التمرين بنفس الطريقة التي أخافتها بالأمس بدت غير مخيفة بتاتا بعد أن ألقت الحمل من عاتقها
لكن التمرين لم يخف ذرّة بل ازداد قسوة. بالرغم من الأهداف الكبيرة التي كانت سيري تأمل بالوصول إليها فإنها لم تكن تتدرب من قبل بنفس قسوة تمرين منافِساتها اللاتي كانت بعضهن يتدربن تحت أيدي ساتن. لم تعلم سيري ذلك ولكن العديد من الدراسات النفسانية تثبت ان الإنسان يجتهد أقل كلما كثر تفكيره بالأحلام التي يتمنى الوصول إليها، بغض النظر عن إن كان الحلم هو امتحان مدرسي أو تخفيض الوزن. عندما تتخيل نفسك حاصلاً على ما تبغاه، تقل إرادتك ببذل المجهود اللازم. وهذا الخيال يختلف عن طريقة التمرين العقلية التي يعبر بها الرياضي خطوات السباق واحدة تلو الأخرى في خياله كما يفعل ذلك رياضيوا الوثب العالي على سبيل المثال. وهذه طريقة قد أثبتت تأثيرها الإيجابي على النتائج. بالمقابل، فإن تصور سيري لنفسها في ألعاب سيدني الأولمبية ما كان يبدوا لها إلاّ كأمرٍ من الخيال.
أُجبِرت سيري تحت تأثير ساتن أن تضع مجهودها في العمل بدلاً من الحلم. وكان مدربها يقدم لها يوماً بعد يوم تحديّات لم تكن تظن أنها قادرة عليها، وكل مرة كانت تفاجئ نفسها بمواجهة التحدي بنجاح. تحولت الأيام إلى أسابيع ونمت ثقة سيري بنفسها. حلمها بالوصول إلى شيء كبير تحول إلى إيمان مبني على إثباتات.
بعد سنة، وفي عام ٢٠٠١، تُوِّجت سيري بطلة العالم للترياثلون في المسافة القصيرة في سباق إدمنتن في كندا

No comments:

Post a Comment