Friday, December 23, 2022

ما قيمة السباقات المنظمة؟

أَجري ٢٠ أو ٣٠ كم في تمرين في منطقة سكني في مصر أو ٥٧ كم صعوداً إلى قمة جبلٍ في خضار غابات ألمانيا بدئاً من باب منزلي هناك، فلا أخسر أي وقت للذهاب إلى مكان الجري ولا أُضيع وقتاً في العودة. ولا أتكلف رسوم اشتراك ولا أدفع مبلغاً لفندقٍ أو مطعم. أجري لوحدي فأخلو مع أفكاري التي تحوم حول موضوعٍ ما ثم تنتقل إلى فكرةٍ غير متعلقة بالموضوع أتعمق بها إلى أن أُقابل شخصاً لا أعرفه فنسلّم على بعضنا ثم تسبح أفكاري إلى مكان آخر للحظات أو دقائق. أعود إلى المنزل بسعادة تُغطّي على أي تعبٍ جسدي وبارتياحٍ نفسي يمكنني تحديده بجهاز قياس ضغط الدم كل مرة بلا استثناء.

Ultra-Run to the Brocken Summit

إذاً، ما القيمة المضافة للمشاركة في السباقات المنظمة وما الذي يحدد المبلغ المُستَعد لدفعه؟

لا أعلم الاجابة على هذا السؤال بأكملها، لكن أحد الدوافع هي لقاء أناس لديهم نفس الاهتمامات والتفكير لأستمع إلى آرائهم وما يشغل بالهم أو أناسٍ معينين أعرفهم وأحب إعادة لقائهم والدردشة معهم ومراقبة تطوراتهم الرياضية وتعميق العلاقات. ولهذا فإن قيمة الحدث لا تنبع من شهرته أو كبره وكثرة عدد المشاركين فيه ولا يؤثر بها مكان الحدث كثيراً. القيمة تأتي من معرفتي بمن سيشارك وإن كانت فرص الاختلاط سانحة وامكانية التحدث تتعدى السلام والمجاملات. ولهذا فأنا أفضل الأحداث الصغيرة المحدود عدد المشاركين بها.

كذلك، وبعد ان شاركت في الكثير من السباقات، فإنني أصبحت أفضِّل السباقات المحلية التي لا تتطلب سفراً بعيداً وطويلاً وخاصة اذا كان سباق ترياثلون يتطلب جلب دراجة في الطائرة والتخطيط الطويل لما عليَّ ان آخذه معي من قطع غيار وأدوات تصليح مما يخلق ضغطاً نفسياً بدلاً من أن يكون عكس ذلك. ولا انجذب كلّياً لأي حدثٍ قيمته في اسمه وشهرته.

My 1st Ironman distance race

 أول سباق ترياثلون لي بمسافة الآيرونمان كان في هنغاريا حيث كانت البلد التي كنت أعيش فيها آنذاك. ولم يحمل ذلك السباق اسم الماركة المسجلة "آيرونمان" بل اسم "اكستريم مان" ولم يقلل ذلك من قيمته لي حتى ذرَّة واحدة. وكذلك شاركت في سباقات نصف آيرونمان كانت تنظمها شركة تراي فاكتوري في سهل الحشيش في مصر إلى أن أتت ماركة آيرونمان لتنظم الحدث لسنتين متواليتين، فشاركت بهم لكونهم محليين أيضاً. لكن اذا كان لدي الخيار بين سباقين بنفس المسافة أحدهم تنظمه تراي فاكتوري والآخر آيرونمان، فلن اتردد في اختيار السباق الأقل شهرة إسمياً دون أن اعترض على وجود الآخر. كلا السباقان يساعدان على دعم الرياضة ويكملان بعضهما. الماركة المشهورة قد تجلب بعض السياح وأخبار سباقها قد تكون أكثر انتشاراً مما يزيد من شهرة الرياضة (أي الترياثلون في هذا السياق) محلياً ولكن الحدث المحلي التنظيم أقل تكلفة مما يساعد شريحة أكبر من المجتمع على المشاركة فيكون لذلك تأثير على صحة المجتمع أطول مداه من تأثير الآخر على السياحة. 

Crossing the Alps

أما أحداث الجري، فإنني لم أشارك في سباقٍ خارج مصر منذ الانتقال (المؤقت) إليها. الاستثناء هو تحدي عبور جبال الألب في أغسطس الماضي مع زميلي عملٍ من ألمانيا. وأُفكّر حالياً بالقيام بعملٍ مشابه في سنة ٢٠٢٣ إمّا في جبال الألب مرة أخرى أو في مكان آخر في أوروبا إن لم يكن على "درب الجبل اللبناني" الذي تعرفت عليه مؤخراً (عن بعد) ولَيسرّني دعمه. من يود مشاركتي في تحدٍّ في أوروبا أو لبنان فليكتب لي فقد يدفعني ذلك إلى أخذ أمر تنظيم رحلة بجديةٍ أكثر. 

Lebanon Mountain Trail

نقول نحن العرب: "إنّما الأعمال بالنيات" ولكني أُفَضِّل ما يقوله الألمان وهو: "ليس هناك شيئٌ جيد إلّا إذا فُعِل". 


No comments:

Post a Comment