Monday, May 25, 2015

من هو جراهام ويب؟

الكتاب الذي أقرأه حالياً هو كتاب "على الدراجة الهوائية" لكاتبه صحافي الرياضة البريطاني ند بولتينج. 
"On The Road Bike by Ned Boulting"
لم أكمل الإستماع إليه بعد ولذلك فلن أتكلم عنه كثيراً الآن. لكنني انجذبت إلى قصة أحد مشاهير الدراجة السابقين في بريطانيا لسبب سأخبركم عنه في التالي. 
الدراج هو جراهام ويب الذي ولد قرب بيرمينجهام عام ١٩٤٤ وكان الطفل الخامس لعائلة فقيرة بلا أب. كان والده قد قُتِل في عام ١٩٤٢ في إحدى معارك الحرب العالمية الثانية في شمال أفريقيا (لعباقرة الحساب المتعجبين بينكم أقول ان هناك تفسير، ولمن لم يلاحظ غير مهم). 
كان جراهام مريضاً جداً وكاد ان يموت وهو رضيع. في الثامنة من العمر اشترى دراجة قديمة بمبلغ بسيط وأحب ركوب الدراجة منذ ذلك اليوم فتفوق على كل رفقائه بالسرعة وقدرة التحمل. اتفق مع رفقائه أحد الأيام ان يتقابلوا يوم الاحد فيركبوا الدراجة الي مدينة جلوستر ويعودون في نفس اليوم وهي مسافة ١٠٠ ميل (١٦٠ كم) ولكنه كان الوحيد الذي حضر صباح ذلك اليوم فقرر الركوب لوحده.  وصل مدينة جلوستر وأدار إتجاهه فرجع ولكنه أُرهِق قرابة ٢٠ كم قبل الوصول إلى البيت. فجلس على حافة الطريق ٤ ساعات قبل أن يعتلي دراجته مرة أخرى ليكمل طريقه إلى البيت.
عندما سُئل عما أكله خلال الرحلة أجاب بأنه لم يفكر بأخذ أي مأكولات او مشروب معه في الرحلة وأنه حتى في منزل العائلة لم يكن الأكل موضوعاً يفكر به كثيراً إذ أنه كان غير موجود في الكثير من الأيام لفقرهم فتمرّ بعضها دون أي أكل على الإطلاق.  
 هذه هي النقطة التي جذبت أفكاري حيث أنني كنت لتوّي قد كتبت عن التمرين على مستوى كربوهيدرات منخفض (train low, race high). هل كان جراهام ويب يتمرن جائعاً مضطرّاً دون أن يعلم أنه يتبع قاعدة التمرين هذه بل أنه يتطرّف بإتباعها الى مستوى كبير؟ هل هذا أحد أسباب تفوقه الرياضي؟
نجح جراهام على إكمال المسافة دون توقف في محاولته الثالثة.
مع حب جراهام لركوب الدراجة إلا انه لم يكن في الحقيقة يعلم أي شيء عن سباق الدراجات أو أن هناك شيء اسمه سباق دراجات. وعندما أصبح في السابعة عشر من العمر دخل بالصدفة في سباق ضد الوقت مسافته ٢٥ ميلاً بدراجته القديمة وملابسه العادية. ولم يكن يعلم آن الإنطلاق بشكل فردي بفارق دقيقة بين دراج والتالي. وتأخر قليلاً على موعد إنطلاقه ثم ظن أنه لن يفز أبداً إلا إذا لحق بكل من انطلق من قبله. عندما لحق بأول دراج أمامه حاول أن يبقى أمامه ليتساعدان ولكن الدراج الآخر أصرخ عليه ان يبتعد عنه ولم يفهم جراهام سبب قلة الأدب هذه. عندما وصل إلى خط النهاية قرر أن يكمل الركوب لتكون الرحلة أطول و جميلة. مرّ أسبوع قبل أن يعود جراهام إلى نادي الدراجات ليكتشف متفاجئاً أنه كان قد فاز في ذلك اليوم ولم يجده أحد في إحتفال الفوز وتسليم الجوائز.  
وكانت حكاية جراهام ويب الرياضية قصيرة إذ لم يحالفه الحظ بعد الحصول على بطولة العالم كهاوٍ عام ١٩٦٧ ثم احترافه فأصبح في النهاية صاحب مقهى في بلجيكا غير مشهورٍ إلى أن أُدخِل إسمه إلى قاعة الشهرة في مجال رياضة الدراجات البريطانية عام ٢٠٠٩.  

Saturday, May 23, 2015

التغذية خلال التمرين

توقفت عن الكتابة أطول مما أهواه بسبب كثرة العمل وفضلت ان استثمر الوقت القليل الباقي لي في ممارسة الرياضة بدلاً من الكتابة عنها فقط. وها أنا الآن جالس في الطائرة على وشك الإقلاع من فرانكفورت إلى القاهرة في رحلة عملٍ ستستغرق ٤ أيام. لدي عدة تقارير يجب أن أقرأها وتحضيرات لإجتماعات يجب أن أكملها. لكنني حبذت أن أكتب بضعة أسطرٍ عن آخر موضوع شغل بالي بما يخص تمريناتي الرياضية. 
الموضوع هو موضوع التغذية خلال التمرين واختلافها عن التغذية خلال السباق. 
كما تعلمون فإنني أحاول التمرن لجري مسافة ١٠٠ كم. لإكمال مسافة كهذه جرياً يجب علي أن أتمرن جسدياً بالطبع، فأفعل ذلك عن طريق زيادة ساعات الجري التي أكملها كل اسبوع، وزيادة طول المسافة التي بإمكاني أن أجريها في يوم واحد. والتغذية خلال التمرين لمسافات طويلة ولساعات تتراوح بين الساعتين والخمسة عامل مهم جداً. 
لإختصار الحديث والوصول الى خلاصته فإن القول المتفق عليه حالياً بين خبراء التغذية الرياضية هو: تمرن على مستوى منخفض وتسابق على مستوى مرتفع (Train low, race high). الكلام هنا عن مستوى الكربوهيدرات في الجسد. 
يحرق الإنسان ما يقارب ٦٠٠ سعرة حرارية في الساعة عند الجري. وهناك عوامل كثيرة تؤثر على هذا الرقم مثل وزن الرياضي وكثافة التمرين أي سرعته. ولكن لنبقى على هذا المعدل لإبقاء الأمر بسيطاً. كمية الكربوهيدرات المخزنة في الجسم والعضلات على شكل الجلايكوجين تكفي لمدة ساعة ونصف من التمرين تقريباً. ولتعويض هذه الطاقة المحروقة يجب على الرياضي أن يتناول كمية ١٥٠ جم من الكربوهيدرات كل ساعة (١ جم من الكربوهيدرات يعادل ٤ سعرات حرارية). تناول هذه الكمية ليس بسهلٍ أبداً بل إنها تسبب مغصاً في المعدة ان لم يتمرن الرياضي على ذلك. وحتى مع التمرين فإن الرياضي سيرفع من قدرته إلى حد استهلاك ما بين ال ٥٠ وال ٧٥ جم فقط (أو٢٠٠ إلى ٣٠٠ سعرة حرارية). لكن الجسم يحرق في نفس الوقت كمية ما من الدهون التي يمكن اعتبار كميتها المخزنة في الجسم غير محدودة عملياً. لنتفترض على سبيل المثال أن هناك رياضي رشيق الجسد وزنه ٦٠ كجم وليس لديه إلا ١٠٪ من وزنه مخزنة على شكل دهون، أي ٦ كجم من الدهون. هذه الكمية تعادل ٥٤٠٠٠ سعرة حرارية (١ جم من الدهون يعادل ٩ سعرات حرارية) وتكفي لمدة ٩٠ ساعة من الجري المتواصل إن كان بإمكان الجسم استغلالها. (ولمن يهمه الأمر فإن حساباتي تقول لي أن بإمكاني أنا شخصياً الجري أكثر من ٣٠٠ ساعة بطاقتي المخزنة.) 
إذاً فإن ما يجب تعويد الجسم عليه هو رفع معدل الطاقة المستغلة من الدهون وتوفير الجلايكوجين لكي لا ينفذ إلا بعد ساعات كثيرة. فعندما ينفذ الجلايكوجين يتوقف الجسم عن العمل ويصطدم العدّاء بحائط كما يقول عدّاؤا المسافات الطويلة.
في تمريناتي الطويلة قمت بخفض كمية ما اتناوله من الكربوهيدرات. فإذا خرجت لأجري ساعتين لا آكل أي شيء. وأمد المسافة في بعض الأحيان إلى ٣ ساعات دون أكل. أما إذا نويت أن أتمرن لمدة أطول فإني أحرص على حمل كمية قليلة ولكن كافية من الغذاء (وليس هناك أحسن من التمر لهذا). كما أحرص عندئذٍ على الأكل منذ الساعة الأولى.
أتممت مؤخراً أطول تمرين جري عملته في حياتي إلى هذا الوقت فجريت مسافة ٥٥ كم صعدت فيهما ١٠٠٠ متر فكنت أجري وأمشي بل وأتسلق أحياناً. واستغرقت المسافة ٧ ساعات ونصف. وعندما حمّلت التمرين إلى صفحة جارمين كما أفعل دائماً رآه أحد أصدقائي الهنغاريين فكان لديه سؤال واحد فقط: كيف تغذيت خلال هذه المسافة؟
هذا ماتناولته من طعام:
- موزة - ١٠٠ سعرة
- تفاحة - ٧٥ سعرة
- ٢ كنوبرس (شاهدوا الصورة) - ٢ x ١٣٧ سعرة
- لتر من الماء المخلوط مع عصير تفاح وبرتقال - ٢٣٠ سعرة
- عبوتين من عصير الشمندر المركز - ٢ x ٩٥ سعرة
هذا كل ما كنت أحمله ولكنني اضطريت إلى التوقف عند مطعم صغير بعد قرابة ٦ ساعات  فشربت كاسة كولا بها ما يقارب ١١٤ سعرة فأصبح المجموع الكلي ٩٨٣ سعرة حرارية أو ما يقارب ١٣٠ في الساعة. وهذه كمية قليلة نسبية ولو اني كنت انوي على استهلاك الأقل في ذلك اليوم.
جري هذه المسافة أعطاني شعور ثقة بتطور قدراتي التحملية وشجعني على التسجيل في سباق طويل عن قريبٍ ان شاء الله.