Monday, March 5, 2018

عزيزي حذائي القديم


نصيحة تقول أن عمر حذاء الجري يجب ان لا يتعدى مسافة ٥٠٠ كم. وأُخرى تحدد المسافة ب٣٠٠ إلى ٤٠٠ ميل حسب ظروف متعددة. ثم هناك مقالات تتكلم عن علامات تدل على أن الوقت قد حان لرمي حذائك القديم في الزبالة وشراء حذاء جديد. ومن هذه العلامات آلام في المفاصل وخاصة في الركبة، أو أنك إذا أمسكت الحذاء من الأمام والخلف فإن من السهل عليك أن تلويه مما يُفسَّرُ كإنعدام قدرته على تثبيت قدمك. وإحدى العلامات الأُخرى هي بكل بساطة أن نعل الحذاء قد اهترى. 
عندما بدأت بالجري قبل سنواتٍ كثيرة كنت أصدق كل ما أقرأه. وكم من مرة سمعت سؤال زوجتي: "كم من حذاء ستشتري؟ أليس لديك عدد كاف؟" لأبدأ بالشرح لها كيف أن نعل الحذاء يفقد مرونته مع الكيلومترات ويبدأ بتمرير الصدمات مباشرة إلى المفاصل ليسبب ألآلام. 
كلام فارغ! كل ذلك اختراعات من خيال المسوقين الذين يبحثون دائماً عن طرقٍ لرفع مبيعاتهم. وكان آخر ما أكمل إقناعي بذلك عندما رأيت أولئك الذين شرحوا لنا لسنوات عديدة أهمية مرونة النعل لإمتصاص الصدمات وثباته ضد الإلتواء وهم فجأة يشرحون لنا العكس و كيف أن الجري كالحفاة بحذاء نعله رقيق هو أقرب شيء إلى الجري الطبيعي الفطري. هذه الردّة بمقدار ١٨٠ درجة لا تفسير لها إلا بأنها محاولة ركوب موجة الجري حفاة الأقدام التي بدأها كتاب "وُلِد للجري" (بورن تو رَن) لكاتبه كريستوفر ماكدوغال، وذلك لرفع المبيعات فقط لا غير. إلّا إنني لا أفهم كيف يستخدمون تفسيراً معيناً لبيع أحذية الجري التقليدية ثم التفسير المضاد لبيع نوع آخر من الأحذية. يبدو أن لكل اعتقادٍ حذاؤه مادام صندوق النقود يرنّ.
بالنسبة لي فإن أول سببٍ أتقبّله لشراء حذاء جري جديد هو أن ارتداء حذاء جميلٍ يُعدُّ مكافأة على مداومتك للرياضة وحافزاً للمواظبة عليها. 
لدي أحذية قديمة أحبها وارتاح لها في الجري ولا أريد خسارتها بسهولة. بعضها بدأ يتمزّق وأحس أنّها تفعل ذلك لتزيد من ملاءمة قدمي ليزداد حبي لإرتدائها. يوماً ما سأضطر إلى التخلص منها. ولكن إلى ذلك الحين، عزيزي حذائي القديم، أمامنا آلاف الكيلومترات الشيّقة.